همسه صارخه

[Administrator]

همسه صارخه
بيدي القلم .. أذن فأنا الآن كأشعة منطلقه نحو كل شيء !
القلم ... هو أجمل ميناء ترسو عليه النفس بعد عناء من التحديق باللاشيء ... هاهنا أصل إليك ــ كلمات ــ خطوط ــ رسمات على شكل حروف ، ها إنا أكتب أليك .. لا .. معذرة .. بل أجلس معك لا .. لا .. بل أدخل وأتغلغل في عينيك .. لا .. بل أهمس حالي بأذنيك .. لا .. وألف لا ..
أنني في حالة اتصال روحي معك . في حالة أنسكاب .. ملايين السنين مرت علي وانأ أبحث عن مرسى .. عن مأوى .. على ملجأ ، ولقد تعبت .. تعبت من أمر إشعال أعواد الثقاب في العاصفة .. تعبت .. وكرهت أمر إنصاتي الطويل لصراخ مشاعري التي لم تعد تفهم ولا تعرف حقيقة حكم القدر .
أنه الشوق .. والنار التي لاتنطفىء، أنه الاحتراق الذي أستوطن حياتي وأعلن استعماره لكل لحظة فيها .. هاهو .. هاهو يلقيني على ساحل أخر من سواحلك التي لاتنتهي . ويتركني هنا مع صورتك المبتسمة بشكل حيائي ساحر ، يتركني مع صورتك التي أستعبدت شاشة مخيلتي .
قطتي المدللة .. ها أنت تسرين في كياني كما تسري إبرة الوريد ، توقدين كل هادئ .. وتثيرين كل وديع ، وتبعثرين كل شيء ، وتجعليني أعيش حالة أنعدام الزمن والواقع والعقل !!
أنه الشوق .. نعم .. ومن غيره ، رغم أني تعبت كثيرا منه ، ورغم رفضي المطلق لمجرد التفكير بك .. أشتاق إليك رغما عني ، لا أدري كيف ولا أدري لماذا .. ليت للشوق ياقطتي توقيت معين ، ليت له مواسم .. ولكنه يأتي كنوبة مجنونه تنسف كل شيء بسرعة .. قد تتساءلين مثلي ماسر هذا الشوق رغم كل هذه السنين ورغم توقف الحياة الحقيقية توقفا كاملا .. وأني اجد له سرا صغيرا يشبه سر ( النوخذه ) الذي مازال حزينا على (( الدانه)) التي فقدها من جراء موجه قدريه ، مازال حزينا ، رغم كل اللآليء الكثيرة التي كانت بين يديه على مر الزمن .
ألا أنه رغم تساقط أسنانه وضعف قدماه على حمل جسمه مازال حزنه قويا على تلك الدانه .
ولو عرفتي أنتي عمق هذا الحزن وأصالته لعرفتي حسرته الكبيرة على ضياع لؤلؤه ثمينة ((لاتتكرر)) بين رمال البحر التي لأتفقه قيمتها .. ولكنك أيتها الصامتة أبدا لا تتمتعين بهذا ، لأنك سرعان ما أحرقتي أوراق أرشيفك بمجرد أن أصبح الرمل البارد يغطي شاشة مخيلتك .
وتركتيني للشوق ، ولسواحلك التي لاتنتهي .