الدانه الخليجيه على الطريقه الصينيه

[Administrator]

________________________________________


كانت حياتنا في السابق كلها معاناة ، والآن أصبح كل شيء هين ومتاح ، كان البحر والغوص له مواسم وعند رجوع سفن الغوص تكون الحصيلة بيد الطواويش ( تجار اللؤلؤ ) حيث يوجد عندهم لكل لؤلؤه قيمه ووزن و يتم غربلة اللؤلؤ بأداة كانوا يستعملونها لجمع اللؤلؤ حسب الحجم لتفرد الدانة بين جميع اللؤلؤ لذاك الموسم ، موسم كامل يمتد لشهور أربع أو أكثر ليظفروا بدانه أو اثنتين ، ولأن الدان هو غناء أهل الخليج ، ونحن بعصر الفضائيات لم نشهد غزو غنائي علينا بل نحن الذين غزونا كل الفضائيات ، فقد أصبح الدان الخليجي هو المطلوب ، ولكن هل حافظنا على المستوى على طريقة مواسم الغوص ام أننا سبقنا الصين في صناعة الأغنية الخليجية التي أصبحت كسلق البيض وأصبح المتلقي لايستطيع ملاحقة مايصدر من أغان حيث لايوجد له وقت كاف للمتابعة ، من سرعة نزول الأعمال وكثرتها ، وقد عمد نجم النجوم (راشد الماجد )
على استثمار كل ثانيه من ساعات اليوم الواحد لكي يجني منها الكثير من الأموال في عمل سهرات لاتنتهي ، حتى أنه لايترك لنا وقتا لنشتاق إليه فهو أمامنا بكل الأوقات وبكل مكان ، لم يعد ينتظر ويلتقط الانفاس ، أنه يركض بكل الاتجاهات بوقت واحد ، حتى أصابنا بالتخمه ، ولم يترك أحدا لم يعمل معه ثنائيه وأصبحنا ننتظر أن يغني باليابانيه أو الصينيه . لقد قدم الكثيرمن أغان تخدم سوق الأغنية فقط ونسى محبيه ومتذوقيه فلم يقدم لهم شيئا منذ زمن وهو أهل لذلك فليراجع حساباته ويقدم أغان للزمن .أغان يستطيع بكل ثقه أن يفخر فيها وليس أغان يجاري فيها السوق
أين راشد الماجد في المسافر وأغلى حبيبه وصبري أين هو الأن فيما يقدمه من أغاني أستهلاكيه لاتستحق أن تضاف لرصيده الغنائي .
هناك الكثير جدا من المستمعين الكلاسيكين الذين صدوا عنه لخروجه عن الطريق
الصحيح ليعد راشد كما كان راشد عمله صعبه في سماء الاغنية الخليجية .
ففي الزمان الجميل كان الفن للفن واصبح الان الفن للأرصده البنكيه ، كانت الاغنيه الواحده تأخذ شهورا من الاعداد والبروفات والمراجعه لـتأتي كقطعه فنيه تفخر بها كل بلد ، فمثلا أغنيه ( رساله من تحت الماء ) لعبدالحليم حافظ أستمرت الاتصالات بينه وبين الشاعر نزار قباني لمدة ستة أشهر من التعديل هو مع الملحن محمد الموجي يعملون بشكل متواصل لأنجاز العمل ، أما بأيامنا هذه فكثير من الاغاني قد تسلق في ظرف 24 ساعه فقط .
وأما عن التلحين فحدث ولا حرج فملحن اليوم يقوم بعمل واحد وهو كيفيه أداء الملحن للأغنيه فقط ويقوم الموزع بعمل 75% من العمل اللحني وغالبا لا يحضر الملحن أستديو التسجيل بل مجرد مايوقع على التنازل ويستلم حقه المادي ينتهي دوره من العمل ولا يبقى الا اسمه فقط .
أين البروفات التي تصقل العمل وتخرجه بشكل كامل خالي من الشوائب
ويوجد حاليا أكثر من ملحن لايجيد العزف على أي آله موسيقيه وله ألحان كثيره منتشره بكل الفضائيات ، الفن هو هويه كل شعب ومن يشوه هويته بحجة الجمهور عايز كده هو من يريد هبوط الذوق الفني للمتلقي وكأن الأغنية الان تشبه ورقة الكلينكس التي تستعمل لمره واحده ، الفن هو الذي يرقى ويرفع ويسمو بذوق كل متلقي هكذا كانت أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وفيروز والرحابنه .. لينظر كل مطرب لتاريخ محمد عبده وتاريخ ابوبكر سالم ولماذا لم يجارو السوق ويتمسكوا بفنهم الأصيل وتصبح أعمالهم مضرب مثل بالالتزام ليراجع كل مطرب نفسه الان ويقارن بين ماكان يقدمه سابقا من جهد وتعب وسهر لأجل عمل واحد ، هو يفتخر به ومازال علامه في مشواره الفني وبين مايقدمه الان ، كل الاعمال الحاليه تجاريه بحته وتفتقر للفن وصنعة الفن ، حتى بتنا لانملك الوقت لننتظر جديد لأي فنان ذلك لأنهم في سباق مع الوقت !
الدان الخليجي يصنع الان على الطريقه الصينيه وكأن للأغنيه خط انتاج في مصنع الاستديوهات التي تعمل طوال 24ساعه متواصله على مدار العام دائما يقال البقاء للأصلح ولكن بوقتنا هذا لم يبق هناك شئ صالح للأسف .
لأنه لم يبقى هناك فن.!!!
__________________
عبدالحميد دخيل الصيوان ــ الخبر
hameed@x36rx.com
نشرت بجريدة اليوم السعوديه بتاريخ 7-11-2012