|
#1
|
||||
|
||||
أنفجار نفس
أنفجار نفس
حياتنا كلها لقاءات .... كثيرا مانلتقي ، وقليلا ماتكون لقاءاتنا مؤثره وكبيره ، نعيشها أكثر من مدتها الحقيقية ... نتأمل بمتعة كبيرة لحظات أحداثها التي قد تكون قصيرة ... وقد تغير هذه اللحظات شيئا ما في انفسنا . فقد كان من الطبيعي أن أنسى لقاءنا بعد عشر من الساعات ... ولكن هذا لم يحدث ... ! لأنه كان مؤثرا وجميلا ... جرنا لرحلة قصيرة الى الماضي الذي لم نشعر بجماله ألا عندما أصبح ( ماضيا ) ومتعذر علينا أن نعيشه مره أخرى !! ... لو تتأمل كم نخسر ، وكم نضيع الكثير الكثير على أنفسنا من جراء تهاوننا بما نحن فيه ... قد نملك الكثير ، ونحن لا ندري... وقد نكون في قمة السعادة ونحن أيضا لاندري ؟!! هكذا هو الإنسان ... لايشعر بالصحة ألا عندما يفقدها ... ولا يشعر بقيمة النور ألا عندما تغيب الشمس ... ؟!! عامان من الصمت ، وما أثقل على نفس أن تلوذ بالصمت لأول مره ، ما أثقل أن تعيش مقيدة به كيف تكون الحياة ... والنفس تلاقي ماتلاقي والقيد في الأعماق يخنق ردود فعلها ــ ويكبل أهاتها التي لاتستطيع مغادرتها كما كانت تفعل عندها يتعطل التفكير...وتهرب الكلمات من الرأس ويصبح التفكير ((بالإشارة )) فيخسر اللسان أهم وظائفه ... وتنسى الأصابع كيف كانت تعانق بكل شوق وحنان القلم ... ماعادت النفس ... تتحمل ... لأنها لاتصلح أن تكون مخزن أهات ... فهي تشبه لحد كبير الإناء الذي يوضع تحت الزير ليتلقى قطرات الماء ... فالقطرة الأولى لا تؤثر فيه ولا تكاد تظهر ... إلى أن تتوالى القطرات ... قطرة فقطرة ، حتى تأتي القطرة التي يمتلئ معها الإناء ... فيفيض .. فالأحداث كالقطرات ... تتلقاها النفس حدثا حدثا وهي مقيدة بالصمت الذي يجعل الجو خانقا حتى تنفجر .... عندئذ يصبح الأمر عائما ... لا سيطرة للنفس عليه ... فتهيم تعايش الإحداث القديمة المترسبة بشكل هائل السرعة ... حدثا بعد حدث ... كل هذا جرى من شدة الصمت ... الصمت الذي قيد يدي وشل تفكيري ، ومنعني من الكتابة .. نعم الكتابة أليك ... لقد اعتدت أن اكتب ... وأكتب ... وأكتب ... وعندما توقفت مكرها ، فاض ( الإناء) فأنفجرت النفس عندها فهمت ذلك السر الصغير لفيضان أناء لأول مره ... أن التعود على الكتابة أمر خطير جدا ... حيث لا يوجد شيء يوقف هذا التعود الذي سرعان مايتطور إلى أدمان ... يستحيل الإقلاع عنه . كل الأعمال تؤدى بأوقات معينه ومتشابهه ... وتحتاج لمكان وزمان ثابتين .... ألا الكتابة . فهي تؤدى في كل الأماكن وجميع الأوقات وأنا ... عندما توقفت عن الكتابة ... خسرت كل الأماكن وكل الأوقات .... خسرت نعمة التذوق ، والقدرة على التأمل والإفصاح والبوح ,,, وشعرت بالأحداث أثقال تنهال على صدري ... تتحدى قدرتي على التحمل ، وتضحك من ثقتي بنفسي التي كانت تقنعني بقدرتها على عبور كل محنه . لقد كنت بصحة جيدة ، وأنا اكتب أليك . فقد كان الإناء لا يمتلىء لأنني اسقي أوراقي بما فيه ... وكنت أتقاسم والأوراق كل القطرات ، وأستفيد كثيرا وأسعد ... أسعد كلما رأيت القطرات من زاوية أخرى ...الزاوية التي لايكشفها ألا .... القلم . لقد كنت في قمة السعادة وأنا أكتب أليك . لأني أعيش سعادتي فائزا بالنصر الكبير الذي أحققه في هذا التحدي الصعب بين احتمالي وهذا الإناء الذي لا أريده أن يمتلىء ... لقد كنت أعيش في النور ... وأنا اكتب أليك وكنت أعيش حياتي كما يجب أجد كل شيء أمامي ... وأجد نفسي ، وأراها بوضوح ... فحين لا يمتلىء الإناء تصبح القطرات جسورا متينة تؤدي إلى الحقيقة والصحة والسعادة والنور . الكتابة ... مرض يجب ان لا نشفى منه ... لأنه الطريق الوحيد نحو النور . الرياض 1983 |
Tags |
أنفجار نفس |
أدوات الموضوع | |
طرق عرض الموضوع | |
|
|